الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.فِي تَكْبِيرِ الْمُرَابِطَةِ عَلَى الْبَحْرِ: قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي الْحَرَسِ فِي الرِّبَاطِ فَيُكَبِّرُونَ بِاللَّيْلِ وَيَطْرَبُونَ وَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا التَّطْرِيبُ فَلَا أَدْرِي وَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: أَمَّا التَّكْبِيرُ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. .الديوان: قَالَ: أَمَّا مِثْلُ دِيوَانِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِثْلُ دَوَاوِينِ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَرَ مَالِكٌ بِهِ بَأْسًا وَهُوَ الَّذِي سَأَلْنَاهُ عَنْهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فِي اسْمٍ فِي الْعَطَاءِ مَكْتُوبٍ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مَالًا عَلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الِاسْمِ إلَى صَاحِبِهِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ زِيدَ فِي عَطَائِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ بِعَرْضٍ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَى الدَّرَاهِمَ قَدْ أَخَذَ غَيْرَ اسْمِهِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِي الدَّرَاهِمَ هُوَ صَاحِبُ الِاسْمِ، فَقَدْ بَاعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ شَيْئًا لَا يَجِبُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ هُوَ صَاحِبُ الِاسْمِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ أَقَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا بِقَلِيلٍ، فَلَا يَدْرِي مَا تَبْلُغُ حَيَاةُ صَاحِبِهِ فَهَذَا الْغَرَرُ لَا يَجُوزُ. قال سَحْنُونٌ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْت أَبَا عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أَوْقَفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبَلَدَ وَخَرَاجَ الْأَرْضِ لِلْمُجَاهِدِينَ، فَفَرَضَ مِنْهُ لِلْمُقَاتِلَةِ وَالْعِيَالِ وَالذُّرِّيَّةِ فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَهُ، فَمَنْ افْتَرَضَ فِيهِ وَنِيَّتُهُ الْجِهَادُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قال سَحْنُونٌ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنَا أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الْفَرِيضَةُ فَقُلْتُ: لَا أَفْرِضُ حَتَّى أَلْقَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ فَسَأَلْتُهُ؟ فَقَالَ: افْتَرِضْ فَإِنَّهُ الْيَوْمَ مَعُونَةٌ وَقُوَّةٌ، فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا عَنْ دِينِ أَحَدِكُمْ فَاتْرُكُوهُ سَحْنُونٌ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ قَتَادَةَ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مِثْلَهُ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْعَطَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَطَوِّعِينَ لِمَا يُرَوَّعُونَ. سَحْنُونٌ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يَقُولُ: رَوْعَاتُ الْبُعُوثِ تَنْفِي رَوْعَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ سَحْنُونٌ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِثْلَهُ. .فِي الْجَعَائِلِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَعَائِلَ فِي الْبُعُوثِ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ هَذَا فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ، لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَجَاعَلُونَ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَنَا يُجْعِلُ الْقَاعِدُ لِلْخَارِجِ. قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: وَيَخْرُجُ لَهُمْ الْعَطَاءُ؟ قَالَ مَالِكٌ: رُبَّمَا خَرَجَ لَهُمْ وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ، قُلْتُ: فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، فَالْجَعَائِلُ بَيْنَهُمْ لِأَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَلَوْ جَعَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ لِرَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الدِّيوَانِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَغْزُوَ عَنْهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا يُعْجِبُنِي. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي عَسْقَلَانَ وَمَا أَشْبَهَهَا غَازِيًا وَلَا فَرَسَ مَعَهُ، فَيَسْتَأْجِرُ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهَا فَرَسًا يُغِيرُ عَلَيْهِ أَوْ يُرَابِطُ عَلَيْهِ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْجِبْهُ أَنْ يَعْمِدَ رَجُلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَعَهُ فَرَسٌ فَيُؤَاجِرُهُ، قِيلَ لِمَالِكٍ: فَالْقَوْمُ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ يَتَقَدَّمُ إلَى الْحِصْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُتْعِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَلَهُ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ وَابْتَدَأَنَا فِيهِ بِالْكَرَاهِيَةِ مِنْ أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ هَذَا، أَوْ يَسْفِكَ فِيهِ دَمَهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي قُلْتُ لِي إنَّ مَالِكًا كَرِهَ لِلرَّجُلِ يَكُونُ بِعَسْقَلَانَ فَيُؤَاجِرُ فَرَسَهُ مِمَّنْ يَحْرُسُ عَلَيْهِ، لَا يُشْبِهُ الَّذِي جُعِلَ لِغَيْرِهِ عَلَى الْغَزْوِ؟ فَقَالَ: هَذَا أَيْسَرُ عِنْدِي فِي الْفَرَسِ مِنْهُ فِي الرَّجُلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ فَرَسَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ هُوَ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَدْ كَرِهَ لِلَّذِي يُعْطِيهِ الْوَالِي عَلَى أَنْ يُقَدَّمَ لِلْحِصْنِ فَيُعَاضَ فَكَرِهَ لَهُ عَلَى هَذَا الْجُعَلَ فَهَذَا يَدُلُّك، قُلْتُ: فَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْعَطَاءِ يَتَجَاعَلُونَ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: ذَلِكَ وَخَدَمَاتُهُمْ لِأَنَّهَا مَبَاعِثُ مُخْتَلِفَةٌ، وَإِنَّمَا أُعْطُوا أَعْطِيَاتِهِمْ عَلَى هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فَأَهْلُ الدِّيوَانِ عِنْدِي مُخَالِفُونَ لِمَنْ سِوَاهُمْ. قَالَ: وَاَلَّذِي يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي الْغَزْوِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا أَهْلُ الدِّيوَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلَيْسَ تِلْكَ إجَارَةً، إنَّمَا تِلْكَ جَعَائِلُ لِأَنَّ سَدَّ الثُّغُورِ عَلَيْهِمْ وَبِهَذَا مَضَى أَمْرُ النَّاسِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِالطُّوَى مِنْ مَأْحُوزٍ إلَى مَأْحُوزٍ إذَا ضَمِنَهُ الْإِنْسَانُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ فِي الطُّوَى: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: خُذْ بَعْثِي وَآخُذُ بَعَثَك وَأَزِيدُك دِينَارًا أَوْ بَعِيرًا أَوْ شَاةً فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: يُكْرَهُ مِنْ الطُّوَى أَنْ يَعْقِدَ الرَّجُلَانِ الطُّوَى قَبْلَ أَنْ يَكْتَتِبَا فِي الْبَعْثَيْنِ اللَّذَيْنِ يَتَطَاوَيَانِ فِيهِمَا، وَذَلِكَ أَنْ يَقُول الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ قَبْلَ الطُّوَى اكْتَتِبْ فِي بَعْثِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا أَكْتَتِبُ فِي بَعْثِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ يَتَعَاقَدَانِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الطُّوَى بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يُنْكِرُ ذَلِكَ إلَّا الرَّجُلَ الَّذِي يَقِفُ نَفْسَهُ يَنْتَقِلَ مِنْ مَأْحُوزٍ إلَى مَأْحُوزٍ الْتِمَاسَ الزِّيَادَةِ فِي الْجُعْلِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا نَرَى بَأْسًا بِالطُّوَى مِنْ مَأْحُوزٍ إلَى مَأْحُوزٍ. سَحْنُونٌ: قَالَ الْوَلِيدُ وَحَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ جَابِرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالْجُعْلِ فِي الْقَبِيلَةِ بَأْسًا. قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: سَمِعْت مَكْحُولًا وَهُوَ يَقُولُ: إذَا هَوَيْت الْمَغْزَى فَاكْتَتَبْت فِيهِ فَفُرِضَ لَك فِيهِ جُعْلٌ فَخُذْهُ، وَإِنْ كُنْت لَا تَغْزُو إلَّا عَلَى جُعْلٍ مُسَمًّى فَهُوَ مَكْرُوهٌ. قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَكَانَ مَكْحُولٌ إذَا خَرَجَتْ الْبُعُوثُ أَوْقَعَ اسْمَهُ فِي الْمَغْزَى بِهَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ جُعْلٌ لَمْ يَأْخُذْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَدَّاهُ. قَالَ الْوَلِيدِ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي جَعِيلَةِ الْغَازِي: إذَا جَعَلَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ غَزْوًا فَجُعِلَ لَهُ فِيهِ جُعْلٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَغْزُو مِنْ أَجْلِ الْجُعْلِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَحِيِّ عَنْ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا عَنْ الْجَاعِلِ وَالْمُجْتَعِلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: «لِلْجَاعِلِ أَجْرُ مَا احْتَسَبَ وَلِلْمُجْتَعِلِ أَجْرُ الْجَاعِلِ وَالْمُجْتَعِلِ». ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ خَالِدٍ الْمُدْلِجِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إنَّا نَتَجَاعَلُ فِي الْغَزْوِ فَكَيْفَ تَرَى؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَحَدُكُمْ إذَا أَجْمَعَ عَلَى الْغَزْوِ فَعَرَضَهُ اللَّهُ رِزْقًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا أَحَدُكُمْ إنْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا غَزَا وَإِنْ مُنِعَ دِرْهَمًا مَكَثَ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ. حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مَعْشَرٍ عَنْ تُبَيْعٍ، أَنَّ الْأَمْدَادَ قَالُوا لَهُ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ لَنَا الرُّبَطَاءُ، يَقُولُونَ: لَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ لِأَخْذِكُمْ الْجَعَائِلَ، فَقَالَ: كَذَبُوا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَجِدُكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَمَثَلِ أُمِّ مُوسَى أَخَذَتْ أَجْرَهَا وَآتَاهَا اللَّهُ ابْنَهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجِيلِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ بَكْرٍ عَنْ تُبَيْعٍ مِثْلُهُ. سَحْنُونٌ عَنْ الْوَلِيدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ الْكِلَابِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَى النَّاسِ بَعْثٌ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غَرِمَ فِيهِ الْقَاعِدُ مِائَةَ دِينَارٍ. .بَابُ الْجِزْيَةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي مَجُوسِ الْبَرْبَرِ إنَّ الْجِزْيَةَ أَخَذَهَا مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجُوسِ مَا قَدْ بَلَغَك عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» فَالْأُمَمُ كُلُّهَا فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَجُوسِ عِنْدِي. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْفَزَازِنَةِ وَهُمْ جِنْسٌ مِنْ الْحَبَشَةِ سُئِلَ عَنْهُمْ مَالِكٌ؟ فَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يُدْعَوْا إلَى الْإِسْلَامِ، فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا لَا أَرَى أَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يُدْعَوْا فَفِي قَوْلِهِ هَذَا أَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا دُعُوا إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَأَنْ يُقَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ، فَإِنْ أَجَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْأُمَمِ كُلِّهَا إذْ قَالَ فِي الْفَزَازِنَةِ أَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ فَكَذَلِكَ الصَّقَالِبَةُ وَالْآبِرُ وَالتُّرْكُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْأَعَاجِمِ مِمَّنْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مُنْذِرِ بْنِ مَارِيٍّ، أَخِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ غَطَفَانَ عَظِيمِ أَهْلِ هَجَرَ يَدْعُوهُمْ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَرَضِيَ بِالْإِسْلَامِ وَقَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ هَجَرَ، فَمِنْ بَيْنِ رَاضٍ وَكَارِهٍ فَكَتَبَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي قَرَأْتُ كِتَابَك عَلَى أَهْلِ هَجَرَ، فَأَمَّا الْعَرَبُ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْمَجُوسُ وَالْيَهُودُ فَكَرِهُوا الْإِسْلَامَ وَعَرَضُوا الْجِزْيَةَ، وَانْتَظَرْت أَمْرَك فِيهِمْ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إلَى عِبَادِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّينَ فَإِنَّكُمْ إذَا أَقَمْتُمْ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَنَصَحْتُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآتَيْتُمْ عُشْرَ النَّخْلِ وَنِصْفَ عُشْرِ الْحَبِّ وَلَمْ تُمَجِّسُوا أَوْلَادَكُمْ، فَإِنَّ لَكُمْ مَا أَسْلَمْتُمْ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ بَيْتَ النَّارِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ الْجِزْيَةُ». فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ فَكَرِهَتْ الْيَهُودُ وَالْمَجُوسُ الْإِسْلَامَ وَأَحَبُّوا الْجِزْيَةَ، فَقَالَ مُنَافِقُو الْعَرَبِ: زَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ إنَّمَا بُعِثَ يُقَاتِلُ النَّاسَ كَافَّةً حَتَّى يُسْلِمُوا وَلَا يَقْبَلُ الْجِزْيَةَ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَا نَرَاهُ إلَّا وَقَدْ قَبِلَ مِنْ مُشْرِكِي أَهْلِ هَجَرَ مَا رَدَّ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ}. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: هَذَا كِتَابٌ أَخَذْته مِنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ إلَى مُنْذِرِ بْنِ سَاوِي هَلُمَّ أَنْتَ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إلَيْك الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ كِتَابَك جَاءَنِي وَسَمِعْت مَا فِيهِ فَمَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبَائِحَنَا فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَبَى فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ. .فِي الْخَوَارِجِ: قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْإِبَاضِيَّةِ وَالْحَرُورِيَّةِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ: أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْحَرُورِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ: إنَّهُمْ يُقْتَلُونَ إذَا لَمْ يَتُوبُوا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُمْ إنْ خَرَجُوا عَلَى إمَامٍ عَدْلٍ يُرِيدُونَ قِتَالَهُ وَيَدْعُونَ إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ دُعُوا إلَى الْجَمَاعَةِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ أَهْلِ الْعَصَبِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّامِ؟ قَالَ مَالِكٌ: أَرَى الْإِمَامَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الرُّجُوعِ إلَى مُنَاصَفَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ رَجَعُوا وَإِلَّا قُوتِلُوا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخَوَارِجَ إذَا خَرَجُوا فَأَصَابُوا الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ ثُمَّ تَابُوا وَرَجَعُوا؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: الدِّمَاءُ مَوْضُوعَةٌ عَنْهُمْ، وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَإِنْ وَجَدُوا شَيْئًا عِنْدَهُمْ بِعَيْنِهِ أَخَذُوهُ، وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ لَهُمْ الْأَمْوَالُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَهْلَكُوهَا عَلَى التَّأْوِيلِ وَهُوَ الَّذِي سَمِعْت. قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُحَارِبِينَ وَالْخَوَارِجِ فِي الدِّمَاءِ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْخَوَارِجَ خَرَجُوا عَلَى التَّأْوِيلِ، وَالْمُحَارِبِينَ خَرَجُوا فِسْقًا وَخُلُوعًا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَإِنَّمَا وَضَعَ اللَّهُ عَنْ الْمُحَارِبِينَ إذَا تَابُوا حَدَّ الْحِرَابَةِ حَقَّ الْإِمَامِ، وَإِنَّهُ لَا يُوضَعُ عَنْهُمْ حُقُوقُ النَّاسِ وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجُ قَاتَلُوا عَلَى دِينٍ يَرَوْنَ أَنَّهُ صَوَابٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَتْلَى الْخَوَارِجِ أَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْقَدَرِيَّةِ وَالْإِبَاضِيَّةِ: لَا يُصَلَّى عَلَى مَوْتَاهُمْ وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ وَلَا تُعَادُ مَرَضَاهُمْ، فَإِذَا قُتِلُوا فَأَحْرَى أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ. قَالَ: ذَكَرْت الْخَوَارِجَ وَاجْتِهَادَهُمْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَا عِنْدَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَيْسُوا بِأَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ثُمَّ هُمْ يَضِلُّونَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ: أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ خَرَجَتْ فَنَازَعُوا عَلِيًّا وَفَارَقُوهُ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالشِّرْكِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: اعْدِلْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْلَك وَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إنْ لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْقِدْحُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونِ عَلَى خَيْرِ فِرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْت إلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ وَهِيَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا إنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ، وَيَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ - وَأَشَارَ إلَى حَلْقِهِ - مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إلَيْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ إحْدَى يَدَيْهِ كَطَيِّ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةِ ثَدْيٍ، فَلَمَّا قَاتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: اُنْظُرُوا فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، فَقَالَ: ارْجِعُوا وَاَللَّهِ وَتَاللَّهِ مَا كَذَبْت وَلَا كَذَبْت مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْن يَدَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ. قَالَ بُكَيْر بْنُ الْأَشَجِّ وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ ابْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت ذَلِكَ الْأَسْوَدَ. عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرْسَلَنِي عَلِيٌّ إلَى الْحَرُورِيَّةِ لِأُكَلِّمَهُمْ، فَلَمَّا قَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، فَقُلْتُ أَجَلْ صَدَقْتُمْ لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَحَكَمَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، فَالْحُكْمُ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَصَيْدٍ أَفْضَلُ مِنْ الْحُكْمِ فِي الْأُمَّةِ تَرْجِعُ بِهِ وَتَحْقِنُ دِمَاءَهَا وَيُلَمُّ شَعْثُهَا، فَقَالَ ابْنُ الْكَوِيِّ: دَعُوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْبَأَكُمْ أَنَّهُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ». ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: هَاجَتْ الْفِتْنَةُ الْأُولَى فَأَدْرَكَتْ رِجَالًا ذَوِي عَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنْ يُهْدَرُ أَمْرُ الْفِتْنَةِ، فَلَا يُقِيمُونَ فِيهِ عَلَى رَجُلٍ قَاتَلَ فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ قِصَاصًا فِيمَنْ قَتَلَ، وَلَا حَدَّ فِي سَبْيِ امْرَأَةٍ سُبِيَتْ، وَلَا نَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا مُلَاعَنَةً، وَلَا نَرَى أَنْ يَقْذِفَهَا أَحَدٌ إلَّا جُلِدَ الْحَدَّ، وَنَرَى أَنْ تُرَدَّ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ، وَنَرَى أَنْ تَرِثَ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ. ابْنُ وَهْبٍ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَا يُضْمَنُ مَالٌ ذَهَبَ إلَّا أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ فَيُرَدَّ إلَى أَهْلِهِ مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا مَعَهُ مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ اسْتَتِبْهُمْ فَإِنْ قَبِلُوا ذَلِكَ وَإِلَّا فَأَعْرِضْهُمْ عَلَى السَّيْفِ، قَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَرَأْيِي عَلَى ذَلِكَ. أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: مَا الْحُكْمُ فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ؟ قَالَ: قُلْتُ يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا عَلَى وَجْهِ الْبَغْيِ، قَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ رَأْيِي فِيهِمْ وَيْحَهُمْ فَأَيْنَ هُمْ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}. .كِتَابُ الصَّيْدِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْكُبْرَى: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ وَنَسِيَ التَّسْمِيَةَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلْهُ وَسَمِّ اللَّهَ، قُلْتُ: وَكَذَلِكَ فِي الْبَازِ وَالسَّهْمِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَقَدْ سَأَلْته عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ حِينَ قَالَ لِغُلَامِهِ: سَمِّ اللَّهَ وَيْحَك مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَيَقُولُ الْغُلَامُ قَدْ سَمَّيْت وَلَا يُسْمِعُهُ التَّسْمِيَةَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ إذْ أَخْبَرَ الذَّابِحُ أَنَّهُ قَدْ سَمَّى اللَّهَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا عَلَى الذَّبِيحَةِ، لَمْ أَرَ أَنْ تُؤْكَلَ الذَّبِيحَةُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ: وَالصَّيْدُ عِنْدِي مِثْلُهُ. قَالَ: وَأَمَّا الرَّجُلُ يَذْبَحُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَيَأْخُذُ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُسْلِمَ وَالْمَجُوسِيَّ إذَا أَرْسَلَا الْكَلْبَ جَمِيعًا فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ، أَيُؤْكَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْهُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا أَنِّي سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي كَلْبِ الْمُسْلِمِ: إذَا أَرْسَلَهُ الْمَجُوسِيُّ فَأَخَذَ فَقَتَلَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَأَرَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلْت كَلْبِي عَلَى صَيْدٍ فَتَوَارَيَا مِنِّي جَمِيعًا، فَأَخَذَهُ الْكَلْبُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ وَجَدْته أَآكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَصَابَهُ مَيِّتًا وَفِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ أَثَرُ سَهْمِهِ أَوْ أَثَرُ بَازِهِ، وَقَدْ أَنْفَذَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَقَاتِلَهُ فَلْيَأْكُلْهُ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي طَلَبِهِ مَا لَمْ يَبِتْ. قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ بَاتَ فَلَا يَأْكُلْهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِهِ قَدْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فَلَا يَأْكُلْهُ لِأَنَّهُ قَدْ بَاتَ عَنْهُ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ مِنْ يَوْمِهِ مَيِّتًا وَفِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ فَلْيَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَوَارَى الصَّيْدُ وَالْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ عَنْهُ، فَرَجَعَ الرَّجُلُ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ طَلَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ مَنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ أَيَأْكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ لَا يَأْكُلَهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَهُ وَرَجَعَ إلَى بَيْتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ لَوْ كَانَ فِي الطَّلَبِ وَلَمْ يُفَرِّطْ أَنَّهُ كَانَ يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، فَهُوَ لَمَّا رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ فَقَدْ فَرَّطَ فَلَا يَأْكُلُهُ لِمَوْضِعِ مَا فَرَّطَ فِي ذَكَاتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَهُ وَلَمْ يُنْفِذْ الْكَلْبُ مَقَاتِلَهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ الْكَلْبُ لَمْ يَأْكُلْهُ، فَهَذَا حِينَ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ بِمَنْزِلَةِ هَذَا الَّذِي أَدْرَكَ كَلْبَهُ وَلَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَ الصَّيْدِ فَتَرَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ الْكَلْبُ فَلَا يَأْكُلْهُ، لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَوْ كَانَ فِي الطَّلَبِ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفِذَ الْكَلْبُ مَقَاتِلَهُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَنْفَذَ الْكَلْبُ مَقَاتِلَهُ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ، فَلَوْ كَانَ هُوَ فِي الطَّلَبِ لَعَلَّهُ كَانَ يُدْرِكُهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفِذَ الْكَلْبُ مَقَاتِلَهُ. قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُرْسِلُ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى الصَّيْدِ فَيُدْرِكُهُ وَبِهِ مَنْ الْحَيَاةِ مَا لَوْ شَاءَ أَنْ يُذَكِّيَهُ ذَكَّاهُ، وَلَمْ يُنْفِذُ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ مَقَاتِلَهُ فَيَشْتَغِلُ بِإِخْرَاجِ سِكِّينِهِ مِنْ خُرْجِهِ، أَوْ لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ مَعَ رَجُلٍ خَلْفَهُ فَيَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ، أَوْ مَعَ غُلَامِهِ فَلَا يُخْرِجُ السِّكِّينَ وَلَا يُدْرِكُهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ السِّكِّينُ حَتَّى يَقْتُلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ أَوْ الْبَازُ أَوْ يَمُوتَ، وَإِنْ عَزَلَ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازَ عَنْهُ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَأْكُلْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَهُ حَيًّا، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُذَكِّيَهُ ذَكَّاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَهُ وَقَدْ أَنْفَذَتْ الْكِلَابُ أَوْ الْبُزَاةُ مَقَاتِلَهُ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْكُلَهُ لِأَنَّ ذَكَاتَهُ هَهُنَا لَيْسَتْ بِذَكَاةٍ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الصَّيْدِ يُدْرِكُهُ الرَّجُلُ وَقَدْ أَنْفَذَتْ الْكِلَابُ مَقَاتِلَهُ أَوْ الْبَازُ، فَيُفَرِّطُ فِي ذَكَاتِهِ وَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَيَأْكُلُهُ؟ قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلْيَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَارَى عَنِّي فَأَصَبْتُهُ مِنْ الْغَدِ وَقَدْ أَنَفَذْت مَقَاتِلَهُ بِسَهْمِي، أَوْ أَنْفَذَتْ مُقَاتِلَهُ بُزَاتِي أَوْ كِلَابِي لِمَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَأْكُلْهُ إذَا بَاتَ، وَقَالَ يَأْكُلُهُ مَا لَمْ يَبِتْ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ لِمَالِكٍ حُجَّةً هَهُنَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا السُّنَّةُ عِنْدَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السَّهْمَ إذَا أَصَبْته فِيهِ قَدْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ إلَّا أَنَّهُ بَاتَ عَنِّي لِمَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَأْكُلْهُ؟ قَالَ: فِي السَّهْمِ بِعَيْنِهِ سَأَلْنَا مَالِكًا أَيْضًا، إذَا بَاتَ وَقَدْ أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقَاتِلَهُ، فَقَالَ: لَا يَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَأَكَلَ مِنْهُ أَكْثَرَهُ أَوْ أَقَلَّهُ فَأَصَابَ بَقِيَّتَهُ، أَيَأْكُلُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْكُلُهُ مَا لَمْ يَبِتْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكَلْبَ إذَا كَانَ كُلَّمَا أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ أَخَذَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ أَوْ جَعَلَ أَنْ يَأْكُلَ مَا أَخَذَ، أَهَذَا مُعَلَّمٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدْرَكَهُ وَقَدْ أَنْفَذَ الْكَلْبُ مَقَاتِلَهُ أَوْ سَهْمُهُ، أَوْ الْبَازُ فَأَدْرَكَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ يَضْطَرِبُ أَيَدَعُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُذَكِّيهِ؟ قَالَ: يَفْرِي أَوْدَاجَهُ، فَذَلِكَ أَحْسَنُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى يَمُوتَ أَكَلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازَ عَلَى صَيْدِهِ فَيُرِيدُ أَنْ يُذَكِّيَهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ هُوَ غَلَبَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ التَّفْرِيطُ مِنْهُ حَتَّى فَاتَ بِنَفْسِهِ فَلْيَأْكُلْهُ، وَإِنْ هُوَ لَوْ شَاءَ أَنْ يَعْزِلَهُ عَزَلَهُ عَنْهُ فَذَكَّاهُ فَلَمْ يَعْزِلْهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا يَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كُنْت لَا أَقْدِرُ أَنْ أُخَلِّصَ الصَّيْدَ مِنْ كَلْبِي أَوْ مَنْ بَازِي وَأَنَّهُ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أُذَكِّيَهُ تَحْتَهُ أَأَتْرُكُهُ أَمْ أُذَكِّيهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَكِّهِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ أُذَكِّهِ فِي مَسْأَلَتِي هَذِهِ أَآكُلُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدْرَكْته وَقَدْ فَرَى الْكَلْبُ أَوْدَاجَهُ أَوْ فَرَاهُ سَهْمِي أَوْ بَازِي؟ قَالَ: هَذَا قَدْ فَرَغَ مِنْ ذَكَاتِهِ كُلِّهَا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدْرَكَ الصَّيْدَ وَالْكِلَابُ تَنْهَشُهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ، فَتَرَكَهُ حَتَّى قَتَلَتْهُ الْكِلَابُ أَيَأْكُلُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَأْكُلْهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا فَذَهَبَ أَنْ يَذْبَحَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفَرِّطَ فَفَاتَ بِنَفْسِهِ، أَيَأْكُلُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يَأْكُلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ. .فِي صَيْدِ الطَّيْرِ الْمُعَلَّمِ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّهَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْكِلَابِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جَمِيعَ سِبَاعِ الطَّيْرِ إذَا عُلِّمَتْ أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبُزَاةِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا مَسْأَلَتُك هَذِهِ وَلَكِنَّ الْبُزَاةَ وَالْعِقْبَانَ وَالزَّمَامِجَةَ وَالشُّذَانِقَاتِ وَالسَّفَاةَ وَالصُّقُورَ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، فَلَا بَأْسَ بِهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فَيَأْخُذُ غَيْرَهُ، أَيَأْكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ أَيَأْكُلُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُسَمِّ اللَّهَ إذَا أَكَلَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا؟ قَالَ: هَذَا بِمَنْزِلَةِ الذَّبِيحَةِ إذَا نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فَهُوَ كَمَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَإِذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا عِنْدَ الْإِرْسَالِ فَهُوَ كَمَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا عِنْدَ الذَّبِيحَةِ لَا يَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى جَمَاعَةِ صَيْدٍ وَلَمْ يُرِدْ وَاحِدًا مِنْهَا دُونَ الْآخَرِ فَأَخَذَهَا كُلَّهَا أَوْ أَخَذَ بَعْضَهَا. قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الَّذِي يُرْسِلُ بَازَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الطَّيْرِ وَهُوَ يَنْوِي مَا أَخَذَ مِنْهَا، فَيَأْخُذُ أَحَدَهَا أَوْ يَرْمِي جَمَاعَةً مِنْ الطَّيْرِ يَنْوِي بِهَا فَيُصِيبُ وَاحِدًا مِنْهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: يَأْكُلُهُ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَهَا كُلَّهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا كُلِّهَا، وَإِنْ أَصَابَ وَاحِدًا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَصَابَ فِي رَمْيَتِهِ اثْنَيْنِ مِنْهَا أَكَلَهُمَا. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْنَاهُ عَنْ الْجَمَاعَتَيْنِ مِنْ الطَّيْرِ تَكُونَانِ فِي الْهَوَاءِ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَرْمِي وَهُوَ يُرِيدُ الْجَمَاعَتَيْنِ جَمِيعًا يُرِيدُ مَا أَصَابَ مِنْهُمَا أَكَلَهُ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: مَا أَصَابَ مِنْ الْجَمَاعَتَيْنِ جَمِيعًا أَكَلَهُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مَنْ الصَّيْدِ وَنَوَى وَاحِدًا مِنْهَا بِعَيْنِهِ فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَلَا يَأْكُلْهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكِلَابَ غَيْرَ السَّلَالِقَةِ إذَا عُلِّمَتْ، أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّلَالِقَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: السَّلَالِقَةُ وَغَيْرُهَا إذَا عُلِّمَتْ فَهِيَ سَوَاءٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكَلْبَ غَيْرَ الْمُعَلَّمِ إذَا أَرْسَلْته فَصَادَ أَآكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا تَأْكُلْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا أَوْ تُدْرِكَ ذَكَاتَهُ فَتُذَكِّيَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلْت كَلْبِي مِنْ يَدَيَّ وَكَانَ مَعِي أَوْ كَانَ يَتْبَعُنِي، فَأَثَرْت الصَّيْدَ فَأَشْلَيْتُ الْكَلْبَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْكَلْبُ فِي يَدَيَّ وَلَكِنَّهُ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك فَانْشَلَى الْكَلْبُ فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ، أَآكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُ إذَا كَانَ الْكَلْبُ مَعَهُ وَأَثَارَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ فَأَشْلَى الْكَلْبَ فَخَرَجَ الْكَلْبُ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ بِإِشْلَاءِ الرَّجُلِ وَلَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ، ثُمَّ أَشْلَاهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ. قَالَ: وَأَمَّا إنْ كَانَ الْكَلْبُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ أَشْلَاهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: فَلَا يَأْكُلْهُ. قَالَ: وَكَانَ هَذَا قَوْلَهُ الْأَوَّلَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَأْكُلْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ أَنْ أَثَارَ الصَّيْدَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِذَا كَانَ الْكَلْبُ إنَّمَا خَرَجَ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ بِإِشْلَاءِ سَيِّدِهِ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَدِهِ لِأَنَّ الْكَلْبَ هَهُنَا إذَا خَرَجَ بِإِشْلَاءِ سَيِّدِهِ فَكَأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ صَيْدَ الصَّبِيِّ إذَا لَمْ يَحْتَلِمْ، أَيُؤْكَلُ إذَا قَتَلَتْ الْكِلَابُ صَيْدَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ تُؤْكَلُ إذَا أَطَاقَ الذَّبْحَ وَعَرَفَهُ، فَكَذَلِكَ صَيْدُهُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلْت كَلْبًا مُعَلَّمًا عَلَى صَيْدٍ فَأَعَانَهُ عَلَيْهِ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَآكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَعَانَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعَلَّمٍ لَمْ يُؤْكَلْ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلْت بَازِي عَلَى صَيْدٍ فَأَعَانَهُ عَلَيْهِ بَازٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْكَلُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرْسَلْت كَلْبِي عَلَى صَيْدٍ وَنَوَيْت مَا صَادَ مَنْ الصَّيْدِ سِوَى هَذَا الصَّيْدِ، وَلَسْت أَرَى شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ غَيْرَ هَذَا الْوَاحِدِ، فَأَخَذَ الْكَلْبُ صَيْدًا وَرَاءَ ذَلِكَ لَمْ أَرَهُ حِين أَرْسَلْت الْكَلْبَ فَقَتَلَهُ أَآكُلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّيْدِ وَنَوَى إنْ كَانَ وَرَاءَهَا جَمَاعَةٌ أُخْرَى، فَمَا أَخَذَ مِنْهَا فَقَدْ أَرْسَلَهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ نِيَّتُهُ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ وَرَاءَ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ جَمَاعَةٌ أُخْرَى مِنْ الصَّيْدِ، فَأَصَابَ صَيْدًا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَرَاهَا حِينَ أَرْسَلَ الْكَلْبَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْكُلُهُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرْسَلَهُ عَلَى هَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَوَرَاءَهَا جَمَاعَةٌ أُخْرَى لَمْ يَنْوِ الْجَمَاعَةَ الَّتِي وَرَاءَهَا فَلَا يَأْكُلْهُ إنْ أَخَذَ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ يَنْوِهَا، وَإِنْ رَآهَا أَوْ لَمْ يَرَهَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَفْلَتَ الْكَلْبُ مِنْ يَدَيَّ عَلَى صَيْدٍ فَزَجَرْتُهُ بَعْدَمَا انْفَلَتَ مِنْ يَدَيَّ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَلْبِ يَرَى الصَّيْدَ فَيَخْرُجُ فَيَعْدُو فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ يَلِيهِ صَاحِبُهُ فَيَنْشَلِي: إنَّهُ لَا يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِغَيْرِ إرْسَالِ صَاحِبِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكَلْبَ إذَا أَرْسَلْته عَلَى الصَّيْدِ فَأَدْرَكَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ قَتَلَهُ الْكَلْبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيُؤْكَلُ الْيَدُ وَالرَّجُلُ وَجَمِيعُ الصَّيْدِ أَمْ لَا؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الصَّيْدَ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ فَيَخْزِلُهُ أَوْ يَضْرِبُ وَسَطَهُ فَيَخْزِلُهُ نِصْفَيْنِ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُؤْكَلُ هَذَا كُلُّهُ، فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ قَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا؟ قَالَ: لَا يَأْكُلُ الْيَدَ وَلَا الرِّجْلَ، وَلْيُذَكِّ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَلْيَأْكُلْهُ، فَإِنْ مَاتَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُذَكِّيَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلْيَأْكُلْهُ وَلَا يَأْكُلْ الْيَدَ وَلَا الرِّجْلَ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الْكِلَابِ إذَا قَطَعَتْ وَالْبُزَاةُ مِثْلُ هَذَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ضَرَبَ عَجُزَهُ فَأَبَانَ الْعَجُزَ، أَيَأْكُلُ الشِّقَّيْنِ جَمِيعًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْبَازُ إذَا ضَرَبَ الصَّيْدَ فَأَطَارَ جَنَاحَهُ أَوْ رِجْلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ مَا أَبَانَ مِنْ الطَّيْرِ مِنْ جَنَاحٍ أَوْ رِجْلٍ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَك، فَإِنْ خَزَلَهُمَا أَكَلَهُمَا جَمِيعًا؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الضَّرْبِ الَّذِي وَصَفْتُ لَك. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ وَالْيَهُودِيَّ أَيُؤْكَلُ صَيْدُهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا قَتَلَتْ الْكِلَابُ الصَّيْدَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمَا، وَأَمَّا صَيْدُهُمَا فَلَا يُؤْكَلُ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ بِهَذَا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُمَا. قال سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ صَيْدِهِمَا، وَقَالَهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ، فَأَنَا لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا صَادَ الْمَجُوسِيُّ مَنْ الْبَحْرِ أَيُؤْكَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا صَادَ فِي الْبَرِّ أَيُؤْكَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تُدْرِكَ ذَكَاةَ مَا اصْطَادَهُ إذَا لَمْ يُنْفِذْ الْمَجُوسِيُّ مَقَاتِلَهُ.
|